Thursday 6 October 2011

في ظلال خطاب سموّ الأمير، من التنظير والتفسير ... إلى التطبيق والتطوير

حتى لا يبقى الكلام كلامًا وحتى تكون الحُرقة في القلب حافزًا للعمل المِعطاء، أكتبُ هذا المقالَ لأضع لنفسي ولمن يرغب خططا للعمل الفعلي قبل أن تـفـترَ الهِمم ويصير خطاب سموّ الأمير تاريخًا لا ينفع. لقد أيقظ سموّ الأمير الحسن بن طلال في مساء يوم الثلاثاء 4\10\2011 حوافزنا نحو تطوير الأردن وبنائه وأثرى عقولنا بالأفكار النيرة المنبثقة من خبرته الطويلة في المجال الرسمي وغير الرسمي، وذلك ضمن فعالية ثلاثاء عمان التقني AmmanTT الذي حضره المئات من فئة الشباب.

من فاته حضور اللقاء يمكنه مشاهدته على الرابط: اضغط هنا لمشاهدة الندوة. وقد لخص البعض معظم ما قاله سموّه ولست بصدد التطرق له، من شاء فليقرأ ما لخصه الأخ عبد الرحمن الصيفي في مدونته.

ماذا أريد؟؟
قرأتُ كلام سموّ الأمير من موقعي وتخصصي ورسمتُ في ذهني مسودّة خطة عملية تحتاج إلى تعاون المخلصين وإلى الإرادة الحقيقية لنقل خطاب سموّه من التنظير والتفسير إلى التطبيق والتطوير. أريد أن أشارككم بها وأن أبديَ جدّيتي في العمل الحقيقي وأحب مشاركة كل من كانت عنده الجديّة في ذلك. فهلا تفضلتم بقراءة كلامي هنا وإتحافي بمشاركاتكم؟

أكرر: أنا أريد لما أقوله هنا أن أراه بأمّ عيني حقيقة واقعية إن شاء الله تعالى، فمن معي؟؟؟

كلام سموّه كثير، فأيّ جزئية أعني؟؟
ذكر سموّه أننا لا نريد المشاريع الريعية قصيرة المدى التي تهتم بإنتاج منتج معيّن وبيعه وتحقيق الأرباح المادية لصاحب الفكرة، بل نحتاج إلى المشاريع الوطنية أو القومية التي تـُـرى نتائجها بعد 5 أو 10 أو 20 سنة. وتلك التنمية المنشودة لا تكون إلا ببناء قاعدة بيانات محلية واسعة تخزّن بيانات سكانية وديموغرافية وجيولوجية وجغرافية وجيوفيزيائية واقتصادية وزراعية وغير ذلك وتتيح للمواطنين ورجال الأعمال في الداخل والخارج الاطلاع عليها عبر شبكة الإنترنت أو الإنترانت. ثم الانتقال من تخزين البيانات Data إلى المعلوماتية Informatics إلى المعرفة Knowledge.

تكلم سموّه كثيرًا عن الأولويات وأنْ نعلم ماذا نريد حتى نستطيع تحقيق التنمية.

أي نحن الآن؟ في نقطة انعدام الأوليات وفي مرحلة ما قبل البدء بالتفكير ببناء قاعدة بيانات وطنية!

الدول المتقدمة، كيف تصنع؟؟ وكيف نحن نصنع؟؟ رأيتُ بعيني لم يخبرني أحد!!
رجعتُ منذ أسبوع إلى أرض الوطن الذي أحبّ بعد إنجاز مرحلة الماجستير في هندسة المعلومات والذكاء الاصطناعي من جامعة ليفربول. لأجل المقارنة، أنا تخرجتُ بشهادة هندسة الحاسوب من الجامعة الأردنية قبل سنة ورأيتُ أنّ الجامعة الأردنية تعطي علمًا بلا عمل ووجدتُ جامعة ليفربول تعمل بلا علم! فغالب باحثيهم أنجزوا مرحلة البكالوريوس في الوطن العربي أو الهند أو الصين أو بعض دول أوروبا كاليونان. تأسيس مدارس بريطانيا لا يؤهل لجامعاتهم، ومراحل البكالوريوس عندهم لا تؤهل للدراسات العليا، في الغالب، وغالب علمائهم مستوردون. لهذا ينبغي أن يضع القطاع العام والخاص ثقته بأبناء الأردن الذين وثقت بهم أوروبا وأمريكا ودفعت لهم دول الخليج الغنية. وقبل ذلك، ينبغي أن نضع نحن المهندسون والباحثون ثقتنا بأنفسنا وأن يضع الشعب ثقته بنا، وإلا فلن نفعل شيئا!!

لستُ مُخولا بإفشاء أسرار البحث الذي لا زلت ضمن الفريق العلمي العامل فيه، لكنني سوف أذكر المهمّ منه والذي يكفي لمعرفة كيف تسير الأمور في بلاد الفرنجة تلك! يقوم بهذا البحث فريق علمي مشترك بين عدة جامعات كبيرة ويضم عشرات الباحثين من مجالات هندسة المعلومات (أمثالي!) والطب والأحياء والكيمياء والكيمياء الحيوية، مدة تمويل البحث هي 5 سنوات ومنذ السنة الأولى والباحثون الكبار يخططون لكيفية تجديد التمويل في نهاية هذه المدة لخمس سنوات جديدة. موضوع البحث هو موضوع ضيق جدًا ويهدف إلى إنجاز اكتشافات طبية وأحيائية مهمة.

بداية البحث هي عبر استخراج أهل الطب والأحياء لمصفوفات (جداول) ضخمة تضم مئات الآلاف من الأرقام (بيانات - data) التي لا يعرف هؤلاء العلماء ماذا يصنعون بها من جهة تخصصهم، نقوم نحن مهندسو المعلومات الذين لا نفقه شيئا في علوم الطب والأحياء بدراسة هذه الأرقام وتحليلها للوصول إلى نتائج نظن أنها مفيدة (معلومات information)، نعيد هذه النتائج إلى أهل الطب والأحياء للنظر في محتواها الطبي، بعد أخذ وردٍ ونقاش بيننا وبينهم نصل إلى نتائج تضيف إلى معرفة الإنسان الطبية (knowledge) ويُستفاد منها في علاج بعض الأمراض المستعصية.

انظروا البحثَ المُمَنهج!! البروفيسورات العاملون على هذا البحث يعمل تحتهم عددٌ من الدكاترة وطلاب الدكتوراة والماجستير والبكالوريوس. طالب الماجستير (كما كان حالي قبل بضعة أشهر) يُطلبُ منه بحث لمدة 3 أشهر لنيل شهادته، فيقوم الدكتور المشرف عليه بضمه إلى فريق البحث العلمي ضمن المشروع الكبير ليقوم هذا الطالب في مدة بحثه القصيرة بوضع لبنة (طوبة) ضمن هذا البناء الكبير. طالب الدكتوراة يقوم ببحثٍ مدته 3 سنوات يُنجزُ خلالها جزءًا مهمًا من هذا البحث الضخم!! الباحثون يتجددون والبحث ثابتٌ يمضي إلى الأمام. أرقامٌ وبيانات تصير معلوماتٍ تؤدي إلى المعرفة.

في جامعاتنا، في الغالب ولا أعمم، تكون مشاريع الطلاب هي مشاريع فردية تبدأ وتنتهي مع نفس الطالب وتصير تاريخا. غالب الأوراق البحثية المنشورة لباحثينا هي متفرقات في مواضيع غير مستمرة ولا تنتمي إلى قوائم أولويات وخطط طويلة الأمد. المستفيد من أوراقنا البحثية قد يكون باحث غربي يرى فيها ملائمة لبحثه طويل الأمد، إضافة إلى استفادة باحثينا في إطالة سيرهم الذاتية وحصولهم على الترقيات العلمية. مشروع التخرج الذي قمتُ به في الجامعة الأردنية هو روبوت يلعب الشطرنج، أفخر بمحتواه الهندسي الغزير وما كان فيه من تحديات هندسية قمتُ وزملائي بفكها تحت إشراف الدكتور القدير علي الموسى، وفزنا به بجائزة على مستوى المملكة و(قبضنا) مردوده بالعلامة العالية والجائزة المالية. لكني إلى الآن أحاول "فبركة" قصة تقنعني قبل غيري بأنّ هذا المشروع كانت له فائدة للوطن أو البشرية! تمتعوا بمشاهدة هذا الروبوت يلعب الشطرنج من هذا الرابط!!! ما شاء الله انتهينا من الأوليات كلها لنتفرغ للمشاريع الترفيهية!!

الأولويات!! حتى نرى كيف يرسم الغرب الأولويات، انظروا كيف قامت الأكاديمية الوطنية للهندسة في الولايات المتحدة الأمريكية برسم خطة الطريق للباحثين بالاستعانة بخبراء دوليين في مجالات الهندسة المختلفة لوضع قائمة (التحديات الهندسية في القرن الواحد والعشرين)، وفي ظل هذه القائمة المكونة من 14 تحديا هندسيا تعمل كبرى الجامعات الأمريكية والدولية على البحث والتطوير ضمن أولويات معروفة ومحددة وليس بعشوائية غير مدروسة. للتعرف على هذه الأوليات الهندسية اتبعوا هذا الرابط.

الأفكار التشاؤمية والحوافز، أرجو ترك الدلع!
لن أنتظر سماع الأفكار التشاؤمية، سأقوم أنا بطرحها! ما سأذكره هنا قد لا يكون صحيحا وهو ليس رأيي الشخصي بناءً على دراستي للواقع، ولكن هي أفكار تشاؤمية شديدة قد تـُـطرَح وهي ليست حُججًا كافية لترك العمل. لكني أستبق تعليقات المتشائمين بطرحها ولا أدعي أنها أفكارٌ دقيقة أو حقيقية.

الجهات المعنية أصلا بوضع الخطط والأوليات وعمل الإحصاءات وبناء قواعد البيانات كنقابة المهندسين وغيرها هي غير مكترثة لا بالهندسة ولا التطوير ولا البناء. المسؤولون عن هذه الجهات غالبهم من كبار السن الذين يريدون الربح السريع أو الصيت أو السمعة وليس من قائمة أولوياتهم أن يصير الأردن رائدًا في التنمية وهم في قبورهم بعد 20 سنة من الآن. الإجراءات الرسمية معقدة جدًا ولا يوجد تمويل ولا راعٍ رسمي ولا غير رسمي ولا يوجد حوافز مالية ولا معنوية والفساد منتشر.

أختصر الجواب على هذا كله بأن الشباب المهتم الذي حضر ندوة سموّ الأمير حسن وما فيه من طاقة وعلم ووعي وشبكات معارف وأفكار قادر على بناء مستقبله، هذا مستقبلنا ولا نريد الاعتماد على "الختيارية" ببناء هذا الوطن. أنا (باسل) أريد أن أرى الأردن بعد 20 سنة بعيني كما أحلم! فمن معي؟

مسودّة خطتي العملية:
بعد استعراض المشاكل والحلول ضمن التجربة الغربية وفي ظل كلام سموّ الأمير الحسن، أضع هنا خطة لنقل الكلام إلى عمل بإذن الله، والخطة قابلة للتعديل الإيجابي.

1) تشكيل لجنة شبابية مستقلة لقيادة التنمية العلمية:
لجنة من الشباب المهتمين بمأسسة التنمية الوطنية، ولتكن من المنظمين ل AmmanTT أو من غيرهم، تجتمع اللجنة لوضع النقاط على الحروف. كل من أحبّ الانضمام إلى اللجنة فهو مُرَحّبٌ به، وعند زيادة العدد يتم انتخاب لجنة إدارية لتنظيم الأمور.

2) التعاون مع المؤسسات الحكومية والمدنية:
هذه خطوة اختيارية!! يتم التواصل مع المؤسسات المعنية مثل نقابة المهندسين والمعلمين وجمعية البحث العلمي والجمعية العلمية الملكية وإنجاز وغيرها من الجهات، من أبدى دعمًا وتعاونًا فنحن معا في خدمة الأردن، وإن لم يتعاون معنا أحد فنحن في غنى، سنقوم بما نستطيع وحدنا، فنحن نعمل لأجلنا لا لأجلهم.

3) رسم الأولويات الوطنية التنموية:
بالاستعانة بآراء الخبراء والمختصين، وبقراءة تجارب الدول الرائدة، وبالتفكير بالواقع المحلي، يتم رسم مُسودّة للأولويات الوطنية. قد تكون الأولويات مثلا: زيادة الانتاج الزراعي، تنمية المحافظات، تقوية التعليم المدرسي، تعزيز السياحة، زيادة انتاج المصانع بتقنيات محلية وتنمية البحث الطبي.
هذه الأولويات تبقى قابلة للنظر والتجديد مع الوقت.

4) وضع الخطط والمشاريع وتنفيذها:
بحسب المتحمسين المشتركين وعددهم والغطاء المادي، يتم وضع الخطط والمشاريع في ضوء الأولويات المرسومة. بنظرة واقعية، كل طالب هندسة أو تكنولوجيا أو غيرها من التخصصات في مراحل البكالوريوس والماجستير والدكتوراة في الأردن يُطلب منه عمل بحث أو مشروع تخرج. إذا كان هذا الطالب يعمل ضمن رؤية هذه اللجنة الشبابية، يتم توجيهه لعمل مشروع التخرج الأنسب الذي يخدم الأردن ويكون لبنة ضمن المشاريع طويلة الأمد (بما إنو عامل عامل مشروع، خليه يعمله شي مفيد).

المشروع الرئيسي الأوحد هو بناء قاعدة بيانات وطنية نوفرها للجميع عبر شبكة الإنترنت. لا أظن أنه من الصعب على طلاب الهندسة المدنية عمل مشاريع تخرج تقوم بمسح مناطق معينة من المملكة وتوفير البيانات للجنة الشبابية التنموية لضمها لقاعدة البيانات الوطنية. طلاب الجيولوجيا والأحياء والفيزياء والزراعة والسياحة والتاريخ والجغرافيا والسياسة واللغات وعلم النفس وعلم الاجتماع ... الخ. كلٌ منهم يعمل ضمن مشروع التخرج الخاص به لتزويد قاعدة البيانات الوطنية بما يقوم به من تجميع للبيانات المطلوبة وربما تحليلها. وهذا يكون تابعًا للأولويات الوطنية الموضوعة. بهذه الطريقة يكون جيش الباحثين الطلاب الأردنيين يعملون لخدمة مشروع وطني كبير واحد.

بعد تكوين كمٍ لا بأس به من البيانات الزراعية مثلا، يستطيع طلاب الزراعة في السنوات القادمة بالتعاون مع طلاب تكنولوجيا المعلومات تحليل هذه البيانات باستخدام الحواسيب والاستفادة منها في مشاريع توجهها اللجنة الشبابية أيضا. يكون الشباب قد بنوا قواعد بيانات هي مراجع لللاحقين من الشباب وهكذا يكون التقدم.

كلمة أخيرة
نحن نعلم ونعرف ونستطيع. الأمر يحتاج إلى إرادة وتعاون جادّ. كفانا انتظارا وتنظيرًا، كفانا استماعًا لكلام الخبراء كسموّ الأمير حسن وتلخيصه وإعادة الاستماع إليه واقتباس عباراته دون عمل. عندما نقتبس وننشر عبارة سموّه "30% من أبناء جامعاتنا فقط يدخلون بحسب الكفاءة" ماذا نستفيد؟ هل أصحاب الرأي في هذا الموضوع هم من يسمعونا؟ هل يسعنا الآن قلب هذه النسبة؟ هل نريد أن ننشر الشكاوى ونتحسّر؟ هل وزارة التعليم العالي ستتعظ وتغيّر هذا عندما تقرأ هذه العبارة بعد أن يقوم أحدنا بنشرها؟؟ ليست هذه العبارة هي الغرض، وإنما هو مثال على ردود أفعالنا التنظيرية والتفسيرية والتحليلية لكلام سموّه. نحن كشباب (في مهب الريح لا يأبه بنا أحد إن لم نأبه لأنفسنا)، مطلوب منا ترك التنظير والتفسير إلى العمل والتطوير.

أنتظر ممن أعرفه شخصيا وممن لا أعرف أن يراسلني بأي وسيلة اتصال اكتشفها العلم لتقديم الاقتراحات ولتشكيل نواة اللجنة المنشودة ومن ثم الاجتماع والبحث في مصيرنا بشكل جدي إلى أن تصير لجنة وطنية فاعلة تنموية علمية جادّة تبني الأردن بغض النظر عمّن ساعد أو لم يساعد وعمّن أحبط أو لم يُحبِط.

فلنجتمع كمجموعة من المهتمين، لنتناقش ولنضع الخطط. سهلة!! منقعد ومنحكي وبنفكر وبعدين منشتغل!! إن شاء الله تعالى.
أنتظر المشاركات الهادفة!!

3 comments:

  1. You have great Ideas , your heart is with Jordan , and you described us 20 years till now and we are still the same....
    To succeed is not to quit  ... I hope you did not ,
    I wish by now you have started something to help Jordan
    Please , please do not surrender

    By the way comment #1 is simply part of the culture you were describing, and should not deter you ..

    ReplyDelete
  2. Thank you for your comment.

    First thing about the first comment, I was just surprised from the fact that someone has taken the effort not only to hate what I said, but to take a real action to express that. It's good to know that there are such people.

    Yes I took an action, I created this Facebook group http://www.facebook.com/groups/286723171346964/
    and this is its draft practical plan in English (There is a copy in Arabic):
    http://www.facebook.com/groups/286723171346964/doc/287642437921704/
    I am at the stage of getting people into it to start discussions about our future insha'allah.

    ReplyDelete